منادى القرية
الله يجمعنا عليك يولد الحلال , ياصاحب لمانة ( يقصد الأمانة) , عنزة كحلة كاسرة جوز من بحرى البلد , ـتاهت من أول إمبارح , وحلاوتها واحدة بعشرة اللى يلاقيها يوديها عند الجامع بحرى البلد ويبقى لك الأجر والثواب عند الله ياولد الحلال .
كانت تلك كلمات المنادى الذى كان ينطلق بعد صلاة العشاء للمناداة على الاشياء التائهة أو ألمفقودة فى قريتنا وذلك قبل أن يدخل ألميكريفون فى المساجد وتنقرض وظيفة المنادى ألتى استمرت فعالة لعدة قرون وعقود من الزمن.
وكان المنادى يجوب كل شوارع القرية للنداء على أى شء مفقود سواء كانت عنزة أو بقرة أو جاموسة أو حمار , كذلك إن كانت هناك أيضا نقود فقدت من أحد أبناء القرية وفى تلك الحالة كان المنادى لا يذكر قيمة الفلوس ويقول أمانة ضايعة .
فى كل شارع يصل إليه المنادى يخرج الناس أويطلون عليه من النوافذ والشبابيك ليسألوه عما فقد ومتى فقد ومن هو صاحب ذلك الشئ .
وفى حالة وجود الشئ المفقود لدى احد أبناء القرية كان يسلمه لصاحبة وفى أغلب الأحوال كان يرفض أخذ الحلاوة ويكتفى بنصيحة صاحب الشئ بان لا يتركة يخرج من البيت مرة أخرى إن كان دابة او يحافظ على جزلانة من الضياع وينتبه لنفسة إذا كانت نقودا.
كان المنادى تقليدا طريفا يتم التعامل معه بطريقة شبه كوميدية وكان فقرة للتسلية وتبادل الضحكات والإبتسامات , تبعث على البهجة والسعادة بعد قضاء يوم من التعب والعمل ألشاق المضنى فى الحقول.
كان يقوم بمهمة ألمنادى رجل يسمى السيد أبو ألحاج أحمد أبو سعيد وكان هذا الرجل أيضا يقوم بمهمة المسحراتى (متطوعا) فى رمضان فى عز الشتاء والبرد القارس فقد كان شابا فى الثلاثينات من عمرة قوى البنية , ويصاحبه فى السحور شخصان لمساعدته وحمل الفانوس له أيضا وظل يؤدى تلك المهمة لعقود من الزمن جازاه الله خيرا.
المنادى كان وقتها تقليدا جميلا وصارالآن من التراث وأنقرض كما أنقرض الكثير من العادات والتقاليد الجميلة وذلك بفعل الحضارة والتطور الإنسانى وهذا أمر طبيعى وواجبنا نحن على الأقل أن نوثق ونسجيل هذا التراث الإنسانى ومحتوياته بكل تفاصيله وسيرة ونوادرة لأنه تاريخنا وهو ييشكل جزء هام من هويتنا وتكوين شخصيتنا وثقافتنا وإنتمائنا وماضينا ومن لاماضى له ليس له حاضر أو مستقبل
أما عن زكرياتى فى شهر رمضان وكيف كنا نقضيه, فتلك حكاية أخرى